في قرارة نفسي اشعر اننا كنا في منتهي القسوة مع هشام طلعت.. أنا متأكد أننا لم نعامله بأية رحمة!
بعد ان تم القبض عليه - وتلك كانت مفاجأة للكل - تفجرت في الناس مشاعر مختلفة.
كشفت بكل تأكيد عن نفسيات ومواقف مختلفة.
البعض لم يخف »الشماتة« في الرجل المليونير الشهير.. الذي صعد نجمه في سنوات.. ووصل إلي قمة النجاح.. وأصبح من كبار رجال الأعمال.. ومزج نجاحاته في سوق العقار.. بمناصب سياسية كبيرة.
«والشماتة« ليست شيئاً جديدا علينا.. نحن الذين اخترعوا المثل الشعبي الذي يقول »العجل وقع هاتوا السكاكين«!
وكان هناك قطاع كبير من »الشامتين« في سقوط هشام طلعت مصطفي.. في دوامة قضية قتل سوزان تميم.. وهؤلاء عاديون.. أغلبهم لا يعرف هشام طلعت مصطفي. لكن الفقر وقسوة الحياة جعلتهم يشمتون بمشاكلهم وآلامهم. في مصائب الآخرين.. والذين بلا مشاكل ولا آلام!
تلك كانت »شماته الفقراء« الطبيعية. في أي شخصية من الأغنياء والكبار. شماتة الفقير في الغني.. وشماتة الضعيف في القوي!
لكن أغلب الناس تعامل مع الحكاية بكل قسوة وبلا رحمة.. وشاركت الصحافة - بعضها - في إذكاء هذه الروح المتوحشة.. وصورت هشام طلعت مصطفي.. علي أنه شخصية شريرة.. ومليونير يتصور أنه بأمواله.. يستطيع ان يكون فوق القانون.
وأنه قادر علي ان يشتري الناس بسهولة.. ويبيعهم بسهولة. فقد اشتري سوزان تميم. وباع سوزان تميم. وقت ان أراد.. وبالطريقة التي أراد!
وبعض الناس دافعوا من البداية عن هشام طلعت مصطفي. منهم من كانت له مصلحة. ومنهم من تعاطف مع النجم الذي هوي.. حتي دون أن يعرفه معرفة شخصية؟
وحتي بعد صدور حكم الاعدام.. لم يتوقف الناس عن محاكمة هشام طلعت مصطفي.
و»الشماتة« و »التشفي« فيه وفي مصيره.. الصحف والفضائيات تأكل وتنهش سيرته كل يوم.
لا أحد سأل نفسه: ياتري.. ما هو حال أمه.. السيدة الفاضلة العجوز.. بعد أن سمعت الحكم باعدام ولدها؟
لا أحد سأل نفسه عن مشاعر أولاده وزوجته وأهله وهم يقرأون كل صباح في الجرائد. عن أخباره في زنزانته بليمان طره!
ولا أحد سأل نفسه عن الفارق بين عقوبة القصاص العادل في قانون العقوبات.. وبين عقوبة الانتقام. التي ينفذها الكل بمشاعر القطيع المتوحش!
ولا أحد من الذين تابعوا القضية من البداية وحتي اليوم.. فكر في انها ليست مجرد »قضية قتل«.. وانما هي قضية حب«!
وعلي مسئوليتي أجزم بأن الذي ورط هشام طلعت مصطفي في هذه القضية.. كان قلبه!
هذا هو التفسير الوحيد المنطقي.
ان هشام طلعت مصطفي ومن البداية.. خفق قلبه بالحب لسوزان تميم!
لقد أحبها بالفعل..
ان كان ينظر إليها كأنثي جميلة فقط.. لكان الامر سهلا جدا.. ولما وصلت الحكاية إلي »قضية قتل«!
هو شاب.. وهو في غاية الثراء.. وهو ناجح ومشهور.. وهو جذاب وذكي.. في إمكانه ان يعرف جميلات وجميلات.. دون ان يحكم عليه بالاعدام!
لكن هشام طلعت مصطفي. »أحب« سوزان تميم!
تلك كانت العقدة الدرامية..
وهو لم يحبها فقط. بل فكر في الزواج منها. وطلب مباركة والدته لهذا الزواج.. في رحلة إلي الأراضي المقدسة.. لكن الأم رفضت.. ورأت ان سوزان تميم لا تصلح زوجة لولدها!
وعلي الناحية الأخري..
فأنني متأكد ان سوزان تميم من ناحيتها »لم تحب »هشام طلعت مصطفي«!
ولا أعتقد أن سوزان تميم تعرف الحب أصلا!
لقد عاملها الرجال من البداية علي أنها »أنثي« تشتري بثمن!
وأدركت هي ذلك... واستوعبت الدرس!
عرفت سوزان أنها لا تملك سوي جمالها.. وبعضه مصنوع - وان جسدها الجميل.. هو كل ما تملك. وان علي من يريد من الرجال ان يقترب من هذا الجمال وهذا الجسد.. ان يدفع أعلي ثمن!
ولا اقول ان سوزان تميم كانت شيطانة.. حاشا لله!
سوزان تميم كانت انسانة.. ظروفها تعسة.. تعذبت لفراق والديها.. وواجهت بدايات حياتها بمفردها. وتزوجت وهي صغيرة السن.. وطلقت وهي صغيرة السن.. وعرفت طعم الغربة.. وأحاطت بها المشاكل طوال الوقت!
لكن المؤكد أنها لم تحب هشام طلعت مصطفي.. الذي كان من ناحيته قد أعطاها قلبه.. وماله ورعايته الصادقة وهو لم يضربها.. ولم يعذبها. ولم يقس عليها. بل أغدق عليها بمشاعره ووقته وماله.. اعطاها كل شيء.. فماذا أعطته هي؟!
هي لم تقابل حبه بحب.. المسألة عندها كانت مجرد مصلحة.. لقد اعطاها حبه وماله.. وكان المقابل هو الخديعة.. وهربت منه ومن مصر في ظلام الليل.
ما الذي حدث لهشام طلعت مصطفي عندما استيقظ ذات صباح.. ليكتشف ان المرأة التي أحبها.
وأعطاها قلبه وامواله وكل اهتمامه.. قد خدعته بمنتهي القسوة.. وهربت منه ومن مصر كلها.. لتختفي في مكان مجهول لا يعلم منه شيئاً!
هل تجرع في اسي مرارة الخداع؟
لابد أنه كاد ان يجن. وهو يسأل نفسه. مرارا ومرارا: لماذا هربت سوزان؟
لقد أعطيتها كل شيء.. حتي أنني تجرأت وقدمتها إلي أمي.. لتبارك زواجي منها!
صحيح أن أمي رفضتها بكل وضوح. لكني حتي بعد ان حدث ذلك لم اتخل عنها!؟
كيف طاوعها قلبها.. ولابد انها خططت لهروبها في السر.. وكيف احتفظت بأعصابها وبرودها في اللقاء الأخير بيننا.. ولم تكشف عيناها الحلوتان خطتها السرية للهروب؟
بكل تأكيد لابد أن هشام طلعت مصطفي شعر بمرارة الخديعة!
لقد خانته المرأة التي أحبها!
ذلك احساس مرير لا يعرفه الا الرجل الذي يحب بصدق. ويتوهم أنه عثر علي أروع امرأة في العالم. ويعطيها كل شيء.. فتقابل كل هذا بالخيانة.. وتتركه في لحظة.. كسير القلب.. عاجز عن الاتزان!
هل »استولت« سوزان تميم علي اموال من هشام طلعت مصطفي؟
لابد أنها فعلت بطريقة أو بأخري.. المؤكد انه كان يعطيها الأموال.. ويغدق عليها بالهدايا الثمنية.
ومازال كثير من الناس.. يتحدثون عن أنه اعطاها أرقام حساباته السرية في سويسرا.. فقامت في السر بتحويل ملايين الدولارات إلي نفسها!
هذه الحكاية لا يعلم أحد إن كانت صادقة أو كاذبة.. إلا هشام طلعت نفسه!
لكن الأكثر تأكيدا.. أنه أحب امرأة.. وأعطاها.. وهي تستحق الحب أو العطاء!
هل يتحول الحب.. إلي كراهية؟!
نعم.. اذا قوبل الحب بالغدر.. تنكسر النفس.. تغرق في الحزن والغم.. وبعد ذلك تمتليء بالغضب.. وبين هذا وذاك.. تتوقف مناطق الادراك في العقل.. بل قد يتوقف العقل نفسه!
والحب الذي يكسر القلب ويفطره«.. تولد منه الكراهية.. التي تقتله!
هي قضية حب تعسة..
وحكاية امرأة ضائعة..
ورجل.. ذهب به قلبه.. إلي حبل المشنقة!
قلبي.. عليه!
الأربعاء يونيو 23, 2010 8:50 am من طرف artom
